الثلاثاء، 16 ديسمبر 2008


"يوسف بن تاشفين".....ابن مراكش الغريب عنها"

يقول المستشرق الألماني يوسف اشباخ:"...يوسف...احد اولئك الرجال الافذاذ الذين يلوح ان القدر قد اصطفاهم لتغيير سير الحوادث في التاريخ فقد بث بما استحدث من نظم واساليب روحا قوية في القبائل والشعوب التي يحكمها وقد فاضت هذه الروح الي تحقيق العجائب ...رحمة الله رحمة واسعه جزاء ماقدم للاسلام و المسلمين.."

عندما تم اكتشاف موقع الامير المرابطي يوسف بن تاشفين عام 1920 استلزم الامر مايزيد عن 30عاما قبل ان يتم التأكد من القبر المكتشف ,هذا الملك الذي حكم المغرب والاندلس في الفتره مابين 545_500هجريا وأذل قوات القشتاليين في معركة الزلاقة عام 586هجرية وتمكن من القضاء علي فتنة ملوك الطوائف في الاندلس
بل وآتي المعتمد بن عباد وزوجتة بنت الروميكيه الذي يعد أشهر ملوك الأندلس الي المغرب اسيرا ذليلا ليسجنة في نواحي أغمات حتي مات من القهر بعد ان عاش سنوات العز والتي قيل بأنها كانت ليالي متصله من الأنس والعبث والبزخ الذيأثار حفيظة بن تاشفين ليقوم برحلتة الثانية الي الأندلس للقضاء علي هذه المظاهر وهو الملك الذي كان معروفا بالورع والتقوي .
السائر في منطقة سيدي ميمون المتاخمة لساحة جامع الفناء يدرك مكر التاريخ بهذا الأمير الذي لم يحظي بحظ دنيوي سواء كان ذلك في حياته او بعد مماته بأقل تكريم من الممكن ان يطال يقبر زعيم مثل هذا الرجل فتبدو جليا مظاهر النسيان وعدم الإهتمام والحفاوه في الوقت ينال قبر المعتمد بن في اغمات من الانعام والاحتفاء بحيث انه من حين لاخر يجتمع فيه من الشعراء من المغرب واسبانيا يتباكون ويشربون نخب الامير ويرثون شعرا رفات الملك الاندلسي المنفي عن فردوسة الارضي ومايرافق في ذلك من ثلب ضمني للامير الذي "ظلمة"ونفاه ثم نال جزاءه اهمالا ونسيانا فلتقر اعين الشعراء.
ابن تاشفين غريب في مدينته التي بناها منذ ما يقارب من عشرة قرون مواجهة بكال انواع النسيان سوي بلوحة رخامية يعلوها دخان الحافلات التي ترابض بقربه في منطقه سيدي ميمون.
المتفقد لحال قبره وكأنه يقول لو ان الملك القشتالي "الفونس"لو قدر له يوما ان يقوم من قبره ويقوم بجوله بمراكش لوقف ساخرا متعجبا من الوضع الذي ال اليه الملك الذي هزمه قبل قرون في موقعه الزلاقه لابد ان ملك اشبيليه المعتمد بن عباد الذي تعمد بن تاشفين اهانته بوضعه في سجن حقير بنواحي اغمات وفرض علية فقرا مدقعا الي درجة دفعت بناته الي ارتياد الاسواق لبيع الغزل يتمتع ضريحة بوضع احسن بكثير مما يعرفه ضريح امير المسلمين
وكان مآل العظماء دائما الرقود في اماكن معتمة من الأرض رغم انهم نجحوا في صناعه امجادهم التي مكنتهم من تبؤ ارقي الصفحات بين دفتي كتب التاريخ التي احتفظ ببطولاتهم
كان خطأ ابن تاشفين انه اطلق ضربة قوية للشعر والشعراء من خلال أسرة للشارع المخضرم ابن عباد استطاع ابن عباد ان يهزم ابن تاشفين شعريا في موقعه أغمات حينما اطلق أشعاره التي ابكت ملايين البشر من الاندلس الي المغرب مرورا بالصاحري والقفار ربما لم يكن عن ابن تاشفين هذا السلاح لاسباب ما تكمن في روحة المحبة للفروسية والجهاد لم يكترث ان يضيع وقته لبرهة في ان يجمع الغواني والشعراء المتزلفين والمتملقين منهم حتي يأنسوا بشعره ان كان يستطيع نسجة او اختلاقه لم يكن في حسبان ابن تاشفين الذيالحق بالفونسوا هزيمة نكراء في المعركة المشهور "قشتاله"والتي كانت سببا في إطالع عمر دوله الاندلس ثلاثة قرون اخري ان ينهزم في معركة لم يعد لها عدته ولم تختر في باله قط هي معركة الشعر والادب
يبدو ابن تاشفين غريبا بين اهله وهو الذي ظل غريبا في حياته من اجلهم فقدر له الغربه بعد وفاته لانه ابي الظهور واثر ان تطوي صفحتة من اجل نفسه فهو لم ينسج اشعارا تخلده وانما ترك امجادا تقلده خلودا ابديا ولكن بسطوة الشعر والشعراء بقي شعر ابن تاشفين الذي استعطف به قلوب الناس وشحنهم ضد ابن تاشفين حتي ان بعض الشعراء المحدثين يصف تأثره بشعر ابن عباد انه لايملك من فرط التأثر الا ان يجهش بالبكاء حين زيارته لقبره.


يوسف بن تاشفين الامازيغي ثاني ملوك المرابطين في المغرب بعد عمه أو ابن عمه أبو بكر بن عمرالذي اتخذ لقب "أمير المسلمين" و اسس أول امبراطورية في الغرب الاسلامي من حدود تونس حتى غانا جنوبا و الاندلس شمالا و انقذ الاندلس من ضياع محقق و هو بطل معركة الزلاقة و قائدها. وحد وضم كل ملوك الطوائف في الأندلس إلى دولته بالمغرب بعدما استنجد به أمير أشبيلية غريب في ذاكره اهلة ومن بعده العرب المسلمين من الذي يعيد له هذا البطل حقة المسلوب بسبب إخفاقة واحده في حياته الاوهي خسارته في معركة الشعر والادب الرجل الذي عرف بالتقشف و الزهد رغم اتساع امبراطوريته .
قال "الذهبي" في "سير أعلام النبلاء":كان ابن تاشفين كثير العفو، مقربًا للعلماء، وكان أسمر نحيفًا، خفيف اللحية، دقيق الصوت، سائسًا، حازمًا، يخطب لخليفة العراق... ووصفه "بدر الشيخ" في "الكامل" بقوله:كان حليمًا كريمًا، دينًا خيرًا، يحب أهل العلم والدين، ويحكّمهم في بلاده، ويبالغ في إكرام العلماء والوقوف عند إشارتهم، وكان إذا وعظه أحدُهم، خشع عند استماع الموعظة، ولان قلبُه لها، وظهر ذلك عليه، وكان يحب العفو والصفح عن الذنوب العظام...اليس ذلك التاريخ شفيعا له عند اصحاب الادب والشعر ...
في جمهوريات اسيا الوسطي كان المسلمون العجم هناك عبر التاريخ وخاصة ايام الستار الحديدي السوفيتي يأتون بأبنائهم الصغار الي قبر الامام البخاري والامام مسلم والترمذي وغسيرهم من علماء المسلمين يرسخون فيهم انهم من سلاله هؤلاء القوم العظام وكان ذلك نبعا كبيرا لصمودهم طيلة تلك السنوات القاسية المريرة اما الأمير المنسي في زاوية من زوايا مدينته التي تستضيف مهرجانات العولمة التي ترصد لها الملايين فلا من يقف قرب قبره ولو للترحم سوي بعض السياح الأجانب الذين يانفون أحيانا كثيرة حتي من دخول ضريحة المهمل . .
عندما استنجد المعتمد بن عباد به لم يقف ساكنا لايلقي له بالا لم يقف مكتوف الايدي لم يقل حينئذ دافعوا انتم عن اوطانكم وبلدانكم بل إحمر وجهة وشد ساعدة وامتطي جواده وارتدي لباس الحرب ليزود عن بلاد الاسلام الاندلس الجميله ولكنه وجد ملكا عابثا ماجنا يحيا بين القينات والغواني فلم يخنع لذلك فأوقف المد النصراني وقضي علي فساد المعتمد .
وعندا تناولته الدراما العربيه ناهيك عن التاريخ والشعر والادب الذي لم يجد له حظا فية كانه راهب من زمن العصور الوسطي وهو الدور الذي قام به الفنان السوري فادي صبيح بلحية بيضاء كثة تنم عن رجل لايعرف في الحياه الا التقشف والزهد المقيت الرجل الديماجوجي الذي لايقبل الاخر الذ ينتقد الفن والجمال في الأندلس الطامع في خيراتها ام العتمد بن عباد فهو الأمير الوسيم الذي قام به الفنان السوري تيم الحسن فظهر وكأنه من أهل الجنان المحارب لهذا الجهل والتقعر القادم من المغرب الاسلامي.
وكان قد اوصي الامير المرابطي ان لايتميز مرقدة عن قبور المسلمين فأخذنا نحن بفرط تمسكنا بعهده ووفائنا له وصيته بالنص ولم نقصر في تطبيقها فقضي النافي والمنفي نحبهما وقضت معهما مبرراتهما فادركوا ضريح بن تاشفين واعتنوا به واحتفوا براقده ".
هل تعيد الاجيال القادمة أوراقها تجاه هذا الرمز البطولي ويرحم اهل الشعر والادب هذا الرجل ويتناسوا هزيمته النكراء علي ايدي المعتمد في موقع الشعر ....ربما فالأيام دول واحلام اليوم حقائق الغد.

هناك تعليق واحد:

  1. أسلوب رشيق وتعبيرات جميلة ومعلومات قيمة ....أقل ما يوصف به هذه المدونة المحترمة
    هالة

    ردحذف